حوار│نشأت الديهي: سوق الدراما "هبط" وأصبح يحكمه أمثال محمد رمضان.. ولهذا السبب الدولة توجه الإعلام لملكيتها


نعاني من إعلام ذليل أمام رأس المال ومجتمع لا يقرأ

الحديث عن تطوير ماسبيرو دون البحث مصادر تمويل "كلام فاضي"

لم أواجه أي إعتراض فيما أقوله على الهواء.. بإستثناء هذا!


إعلامي مخضرم ومثقف يمتلك أدواته الإعلامية جيدًا وعلى دراية تامة بكل ما يحدث حوله من مشاهد يسودها الضباب، هو أيضًا إعلامي بدرجة مواطن مصري وطني، فعندما وضع في اختيار بين وطنه ومصالحه الشخصية ومستقبله الإعلامي كان اختياره الأول والأوحد مصلحة بلده، وقدم استقالته على الهواء من برنامجه "ميدان السياسة" على التليفزيون التركي، إنه الإعلامي نشأت الديهي، الذي يرى أن التليفزيون المصري يمتلك إمكانيات تفوق القنوات العربية، وإن مصر في حاجة إلى استعادة قوتها الناعمة، وأننا نُعاني من مجتمع لا يقرأ.

في هذا الصدد كان حوارنا مع الإعلامي نشأت الديهي، الذي أجاب عن الكثير من التساؤلات حول العديد من الظواهر التي تحدث في المشهد الإعلامي الحالي، بدءًا من إختفاء لعدد كبير من الإعلاميين وغلق ودمج بعض القنوات، وإليكم نص الحوار...

 

كيف سلكت طريقك إلى الإعلام؟

بدايتي مع الإعلام كانت عندما كنت طفلًا صغيرًا في المدرسة، حيث أنني كنت شغوفًا بالإذاعة وكنت حريص على تقديم الإذاعة المدرسية يوميًا، بالإضافة إلى أنني كنت أشارك في مجلة الحائط، وكنت حريص على قراءة الكتب في شتى المجالات في سن صغير، ثم بدأت عملي كصحفي عام 1997، وكافحت طويلا لأجد لنفسي مكانًا في الصحافة المحترمة، ولم أجد من يقف بجانبي ويساعدني لذا اعتمدت على نفسي وحققت ما أريده، ثم في اتخاذ منحى اَخر وهو تأليف الكتب حيث ألفت حوالي 9 كتب في مجالات مختلفة، ولن أتوقف عند هذا الحد فأنا على يقين بمدى تأثير وأهمية الميديا سواء المقروءة أو المرئية أو المسموعة، لذا توجت ذلك بإلتحاقي بالتليفزيون.

 

عملت في مجال الإعلام من خلال 3 منافذ مختلفة وهي التليفزيون المصري والتليفزيون الخاص والقنوات.. حدثنا ماذا أضافت لك تلك التجربة بشكل عام؟ وأيهما أقرب لك؟

عملي في هذه النوافذ جعلني أرى الإعلام من مناظير مختلفة على مستوى الدولة، والقطاع الخاص، والقطاع الدولي، ولا شك أن هذه التجارب أثقلتني ثقافيًا على المستوى الإعلامي والصحفي، وأصبح لدى العديد من الخبرات في كل نافذة من هذه النوافذ، ودعيني أقول لكِ أن كل تجربة من هذه التجارب كان لها طابع وبصمة مختلفة بالنسبة لي، وبالتأكيد كان لها مشاكلها، وأنا دائمًا أكون حريص على أن أستفيد أكبر قدر من الاستفادة في أي تجربة أعمل بها، ولكن أكثر تجربة إستمتعت بها كانت في القطاع الخاص، أن كان هناك قدر من المرونة في التليفزيون الخاص، ولم أواجه في يوم من الأيام أي أعتراض في أن أقول ما أريده على الهواء، سواء كان ذلك في التليفزيون المصري أو الدولي، لكني كنت اواجه هذه المشكلة عندما كنت أعمل في التليفزيون التركي، كما أنني تعلمت الصبر من تليفزيون الدولة.

 

في رأيك ما الذي يُميز الإعلامي أو الصحفي الناجح عن غيره؟

أقولها وأؤكد عليها أن الرصيد الحقيقي للإعلامي أو الصحفي الناجح يقاس بمدى مخزونه ومستودع معلوماته وأن يكون قاريء ومتطلع على كافة المجالات، وأخص الإعلامي هنا بأن يكون له "طلة" على الشاشة، وكيف يملك أدواته ويستخدمها ليؤثر في عقل ومشاعر المشاهد، ولكن مع الأسف أكبر تحدي يقابلنا هو أننا نعاني من مجتمع لا يقرأ وبالتالي يفتقد الوعي والرؤية السليمة والحكم على الأمور، وأنا أدين بالفضل في كل ما وصلت إليه لقراءة الكتب في سن صغير.

 

كيف تقيم المشهد الإعلامي بعد ثورة يناير 2011؟

أنا أؤمن بإن الإعلام وكافة المجالات ترتبط إرتباط وثيق بالحالة الاقتصادية ومدى نظرة الدول الغربية لمصر، والدول الغربية ترى أن معدل النمو لدينا لابد أن لا يقل عن 4% حتى لا تتعرض البلد لمجاعة أو ثورات، ولا يزيد عن 8% حتى لا تتطور وتتقدم، أي يجب أن تظل الدولة محصورة بين هذين الرقمين، ولذلك كان هناك من يخطط من قبل 2010 أن البلد تدخل حرب وثورة حتى لا تتقدم، ومن هنا بدأت الجهات الخارجية في توظيف وتمويل الإعلام والصحف من أجل تحقيق هذا الهدف وأصبح لدينا نجوم في الـ"توك شو" بتمويل خارجي وكانت النتيجة ثورة 2011.

وأن زاد معدل النمو الفترة المقبلة عن 8% فأنا أؤكد أن هناك مشكلة ما ستحدث في البلد مرة أخرى، وأؤكد أن الإعلامي كان أداة لمثل هذه الأغراض، وكأن الإعلامي ذليلًا أمام رأس المال، ولذلك لابد أن ننتبه وأنا اقول لمثل هذه النوعية من الإعلام المُغرض: لقد إنتهى الدرس أيها الحمقى، فلا مكان لمن يعبث بمقدرات الدولة، فقد عادت الدولة بشكل واضح جدًا كدولة صلبة تستطيع الدفاع عن تماسك المصريين ووحدتهم.

 

وما تفسيرك لظاهرة إختفاء قنوات ما وظهور أخرى جديدة ودمج البعض منهم واختفاء بعض الإعلاميين من على الساحة؟

الدولة لا تغفل عن ما يحدث، والبعض إشتكى من ظهور زعماء في السوشيال ميديا وزعماء في الـ"توك شو" وكان لابد على الدولة أن تتخذ موقفًا حيال ما يحدث على الشاشات، لأن التمويل الخارجي للإعلام أفرز كائنات طفيلية كان لابد من القضاء عليها، وكل رجل أعمال يمتلك وسيلة إعلامية يتخيل أنه لديه سلاح يضرب به الدولة لتحقيق مصالحه، والدولة أصبحت توجه الإعلام لملكيتها حتى تضبط وتنظم المشهد الإعلامي، وبالتالي يصبح الإعلام في حضن الدولة بدلًا من حضن الإعداء، لفترة مؤقتة وهي "فترة حضانة" حتى يتم نقله فيما بعد لكيانات موثوقة قادرة على إدارته بشكل يحقق مصالح الدولة.

 

ما رأيك في وضع ماسبيرو الآن؟

التليفزيون المصري عريق ويمتلك إمكانيات تفوق إمكانيات القنوات الفضائية العربية، ولكنه يحتاج إلى رأس المال وإزاحة جميع ديونه التي تقدر بالمليارات، بالإضافة إلى إدارة حكيمة تديره، وأنا أشعر أن ماسبيرو هو الحضن الدافيء الاَن، ولذلك أقول أن أي حديث عن تطوير ماسبيرو دون البحث والحديث عن مصادر تمويل وإزالة الاَثار التاريخية للديون والبحث عن كفاءات سيكون "كلام فاضي".

 

هل المشهد الإعلامي في حاجة إلى وزير إعلامي؟

قولًا واحدًا نعم نحن فى حاجة لوزير إعلام بدرجة مايسترو حتى ينظم المشهد الإعلامي وينسق عمل الهيئات الوطنية للإعلام والصحافة ونقابة الإعلاميين والصحفيين ولجنة الإعلام بالبرلمان، والمجلس الأعلى للإعلام.

 

هل معايير إختيار الإعلامي إختلفت عن قبل؟

نعم وإختلفت كثيرًا وأصبح يحكمها الواسطة و"تبع مين ويعرف مين" من تكون واسطته وأصبحت هذه المعايير هي الغالبة فى السوق الإعلامي، ولذلك أصبحنا نفتقد للكفاءات المهنية، وتسرب للمشهد الإعلامى من لا يمتلك لغة إعلامية ولا مهنية وغير قادر على إقناع نفسه وبالتالي لا يقنع المشاهد، وأصبح المشهد الإعلامى لا يلبي الحد الأدني من إحتياجات الدولة فى هذه المرحلة.

 

فى رأيك مصر إفتقدت قوتها الناعمة؟

بالطبع نعم.. الرئيس عبد الفتاح السيسي، قالها مرارًا وتكرارًا نحتاج إلى إعلام رشيد والإعلام الرشيد هنا ليس معناه أن ينفذ مايلى إليه فحسب بل الرشد الإعلامي فى الدور التوعوى والتنويرى ووضع خطة برامجية على هذا الأساس، حتى سوق الدراما فى مصر هبط وأصبح يحكمه أمثال "نمبر وان" الذى يقلده الأطفال فى الشوارع من بلطجة ونطق ألفاظ خارجة إلى حمل الأسلحة البيضاء فى الشارع وكل ما هو سيء وهذه كارثة، ومحمد رمضان يسئ إلى الدراما المصرية أين قوة مصر الناعمة من الفن والدراما والإعلام والصحافة والأزهر والكنيسة؟ نحن نحتاج إلى جيل جديد من الكتاب والصحفيين والمهنيين.

 

كونك رئيسًا تنفيذيًا لإحدى القنوات الفضائية وفى نفس الوقت مقدم برامج بها.. كيف تجمع بين المهمتين؟

العمل الإداري عمل منهك، غير أن العمل الإعلامى أجده عملًا إبداعيًا فالعمل الإداري يفرض عليك حالة من الخشونة فى التعامل وذلك يرجع للإمساك بزمام الأمور والتحكم بها وما تفرضه عليك متطلبات الموقف، فالعمل الإداري بالنسبة لي أعتبره عملًا موقتًا، غير أنني استفدت وتعلمت منه الكثير.

تم نسخ الرابط