رئيس مجلس الإدارة
محمود إسماعيل
رئيس التحرير
عمرو صحصاح
رئيس مجلس الإدارة
محمود إسماعيل
رئيس التحرير
عمرو صحصاح

مها متبولي تكتب ... وائل احسان يعيد اكتشاف على ربيع

يغوص مسلسك "سك على اخواتك" في قاع الطبقات الفقيرة في الجنوب ،حيث البراءة والطيبة وحلم السفر إلى القاهرة ،لكن ماذا سيحمل هذا التغيير للشباب ،وهل ستسحقهم العاصمة بأضوائها وأبناءها الذين يتلاعبون بكل شئ، أسئلة كثيرة تفرض نفسها من خلف الكوميديا ولحظاتها المرحة حينا والمؤلفة في بعض الأحيان.

أقول ذلك لأن المسلسل يرصد تجربة البطل في صراعه النفسي وانفصامه إلى شخصيتين ، أحدهما نسخة من والده قروي ساذج وكلاسيكي وعبقري ،والآخر شاب "روش" يريد أن يعيش الحياة كأي انسان تافه، وبين هذا وذاك تعصره الحياة ، بين اتجاهين متعارضين، أما أن يكون كبيرا أو لايكون.

الفنان الشاب علي ربيع بدا حاضرا في مشاهد المسلسل بقوة ، واعتلى قمة الأداء بمنتهى النضج ،رغم صعوبة الشخصية ،وكثرة روافدها ، وتعدد أزماتها ،وإن كان يعتمد في أدائه على طريقة السهل الممتنع ،حيث يفاجأ المشاهدين بجرأته، في تحويل المواقف نحو اتجاه الكوميديا.

ويقدم الفنان الشاب كريم عفيفي دورا مميزا حيث يقتحم القلوب بصفائه النفسي ، وملامحه المعبرة، وقدرته على انتزاع الضحكة من القلوب ، ورسم ملامح الشخصية بصدق وعفوية بدون مبالغة .

وأعتقد أن صناعة الكوميديا في مسلسل "سك على بناتك" تتم من خلال الموقف ، والمفارقات التي تتولد عن طريق الاختلاف بين طبائع الشخصيات وثقافتهم، وليس عن طريق افيهات مستهلكة أو نكات سمجة، بل يعتمد على ربيع على اظهار التناقض ، كمادة طازجة ، تجمع بين الافيه وحداثته ، ويسعى  كفنان لأن يكون هو نفسه ،وليس مقلدا لأحد ،متسلحا بثقته بنفسه ،وتقبل الجمهور له. 

وأرى أن المسلسل يثبت تألق المخرج وائل احسان، وتمكنه من أدواته ، وخاصة في الانتقال من مشهد إلى آخر ،حيث يتم ذلك بسلاسة ،وبأفكار مبتكرة ،تربط بين المشاهد وبعضها ،وبدون مبالغة أو تضخيم ،حيث يظهر كل شئ بحجمه الفني الطبيعي.

 بل يمكن أن نقول إن المخرج صنع من الأجواء التراثية والطبيعة الجميلة في أسوان بانورما شفافة ،يستمدها من المشاهد الخارجية ، استحوذ بها على الاهتمام ،وجذب المشاهدين، وأعطى للعمل رؤية جمالية ممتعة ، نجح في أن يغلف بها مشاهده، سواء الجزر النيلية أو البيوت الجميلة المبعثرة على جانبي الوادي، بالإضافة إلى تركيز الكاميرا على التماثيل الفرعونية ،والتذكارات التي تباع للسائحين ،ليربط بين الماضي والحاضر.

لقد اجاد وائل احسان اختيار الممثلين، ليضع كل واحد منهم في منطقته التي يبدع فيها ،بل إنه أعاد اكتشاف علي ربيع وكريم عفيفي، وخلصهم من تراكمات الأداء المسرحي ،واستخرج طاقاتهما التمثيلية الكامنة ، كممثلين واعدين، ومشحونين بالموهبة وتلقائية الأداء.