رئيس مجلس الإدارة
محمود إسماعيل
الإشراف العام
أحمد الهواري
رئيس مجلس الإدارة
محمود إسماعيل
الإشراف العام
أحمد الهواري

حمادة السيد يكتب: مبادرة "الهلباوى".. وزيارة مكتب الإرشاد!

لم أكن فى يوم من الأيام مغرمًا بما يسمى تيار الإسلام السياسى، رغم معرفتى الشخصية بعدد من شباب جماعة الإخوان المسلمين أثناء دراستى الجامعية، وكانوا يعلمون عنى رفضى لفكرهم، و يرون أننى علمانى، ودامت العلاقة دون أى صدام إلا من خلافات فكرية.. مرت السنون، وفى عام 2007، كان يسيطر على ذهنى معرفة هذه الجماعة من الداخل، كنت أرغب فى معرفة ما يدور داخل مكتب الإرشاد، وبالفعل أخذت القرار، واتصلت بالدكتور محمد حبيب نائب المرشد آنذاك وطلبت منه تحديد موعد لإجراء حديث صحفى، وذهبت للرجل فى الموعد المحدد.. كانت هذه المرة الأولى التى أدخل فيها مكتب الإرشاد الكائن بحى المنيل، كانت الأفكار تراودنى، أننى سأجد كمائن الشرطة تحاصر مقر الجماعة، والمخبرين السريين يراقبون المكتب ليل نهار، اقتربت من المكتب وأنا اتحسس الخطى، أنظر يمينًا ويسارًا، لألمح أى ضابط أو حتى عسكرى، فلم أجد، اقتربت أكثر من العقار، فلم أجد أحدًا من المخبرين، صعدت إلى الطابق الثانى، واستقبلنى أحد الأشخاص، وقلت له أننى على موعد مع الدكتور حبيب، ووجدت ترحابًا كبيرًا، وجلست عشر دقائق فى الاستقبال، وقام بمصافحتى أثناء الانتظار أكثر من شخص لم أكن أعرف منهم أحدًا، حتى جاءت لحظة خروج المرشد السابق للجماعة مهدى عاكف من مكتبه، وهى المرة الأولى التى أراه فيها وجهًا لوجه، ورأيته ينظر إلى بتمعن شديد، نظرت إليه نظرة استغراب، وسار فى طريقه، وبعدها جلس معى أحد الأشخاص لا أعرفه يحاول التعرف على شخصى، وما كان يشغل بالى حينها، أن مكتب الإرشاد يعمل بشكل طبيعى، لا يوجد حصار، أو مخبرين، عدد كبير من الموظفين والمرشد ونوابه.. بعدها وجدت أحد الأشخاص يقطع تفكيرى، جاء يأخذنى لمقابلة "حبيب"، دخلت الغرفة، كان بها ثلاثة مكاتب، صافحت الرجل وعرفته بنفسى، ووجدته يقدم لى شيكولاتة، وعصير ليمون، وبعدها بادرنى بسؤال، هل أخذت موافقة جريدتك على هذا الحوار؟.. أجبته، بالطبع - إجابتى عليه كانت عكس الحقيقة، فلم أعرض فكرة الحوار على أحد، لأننى كنت أعلم مسبقًا أن الفكرة ستقابل بالرفض- جهزت نفسى لبدء الحديث، وقمت بتشغيل التسجيل، ووجدت الرجل أيضًا يستعين بجهاز تسجيل، ليحتفظ بنسخة من الحديث، ودار الكلام فى العديد من الموضوعات لمدة ساعتين، حتى جاءت لحظة حاسمة عندما بادرته بسؤال مهم جدًا يتعلق بعلاقة الإخوانى بفكر الإخوان بعد انشقاقه عن الجماعة، وجدته يطلب منى غلق التسجيل، واستجبت لطلبه! .. وفى هذه اللحظة تيقنت أن الجماعة تسرى فى شريان كل إخوانى مثل الدماء، وأن خلافه التنظيمى معها لا يعنى انفصاله فكريًا!.. ووجدت "حبيب" يقطع تفكيرى بقوله " الابن قد يختلف مع عائلته إلا أنه لا يستطيع فراقها".


انتهى حوارى مع نائب المرشد، وودعنى، وطلب منى زيارته مرة آخرى، إلا أننى لم أفعلها.. وعقب خروجى من العقار، نظرت حولى، فلم أجد أيًا من رجال الشرطة يستوقنى نظرًا لعدم وجودهم، ولم يكن هناك أحد من المخبرين يتبع خطاى.. ورغم عدم نشر الحوار نظرًا لضيق أفق رئيس التحرير، إلا أننى تأكدت أن علاقة الإخوان ونظام مبارك "سمن على عسل"، الجميع يلعب سياسة، وأيقنت أيضًا أن كل ما يحدث من انشقاقات فى الجماعة ما هو إلا نوع من لعب أدوار معينة للتخديم على التنظيم.


ودارت الأيام، واختلف الدكتور محمد حبيب مع جماعته، بسبب رغبته فى السيطرة على منصب المرشد، إلا أنه وجد رفضًا تامًا من قيادات مكتب الإرشاد، وتأييدهم للدكتور محمد بديع، ما جعله يعلن انشقاقه عن جماعته التى كان يعلم عنها كل كبيرة وصغيرة لموقعه التنظيمى الحساس، وهو الانفصال الذى تم تصديره للرأى العام والإعلام.


السطور السابقة، دفعنى لكتابتها مبادرة كمال الهلباوى، القيادى السابق بالإخوان للمصالحة بين الدولة والجماعة، وما أقوله لـ"الهلباوى" هو نفس رد السيناريست الكبير وحيد حامد " مفيش إخوانى بيتوب"، وهذه حقيقة يجب أن يعترفوا بها، ورغم قراءتى واستماعى لأحاديث كثيرة لعدد من الذين يطلقون على أنفسهم منشقين، إلا أننى لا أصدق أحدًا منهم، ولا أعلم الأسباب التى تدفع وسائل الإعلام لمنحهم هذه المساحة الكبيرة لطرح أفكارهم من خلال دس السم فى العسل.