ماجد محمود
كتب
ماجد محمود

شاهدت لك.. Arrival | مابين الحرب والسلام "كلمة"

دائما ما كانت تجذبني أفلام الأكشن والرعب وغيرها من المسلسلات التى تعتمد على "الرتم" السريع فى توالي الأحداث، وعلى النقيض كنت أتجنب مشاهدة الافلام الرومانسية والمسلسلات الاجتماعية التى تعتمد على فكرة تدور حولها الاحداث لتوصيل رسالة معينة، حيث كان يرهقني التفكير في أبعاد الشخصيات وعمق الرسالة المراد إيصالها من خلال الحبكه الدرامية، الا انني مؤخرا ومع اقترابي من سن الخامسة والثلاثين تغيرت اهتماماتي بشكل أصابني بالقلق، هل دخلت فى دائرة "كبار السن" التى طالما فزعت كلما فكرت بأنني سأصل لتلك المرحلة فى يوم من الايام، أم أن هذا التحول المريب هو بداية لدخول مرحلة النضوج الفكري؟، وأياً كانت الاجابة فانني سعيد بوصولي لهذه المرحلة التى مكنتني من رؤية الاشياء من منظور أخر أصبحت فيه أستمتع بالتفاصيل الصغيرة وأبتسم كلما شاهدت فيلم أو مسلسل يدفعني الى التفكير لاستيعاب فكرته، وهذا ما حدث أثناء مشاهدتي لفيلم Arrival.

تبدأ أحداث الفيلم بمشهد للدكتورة "لويس بانكس" المتخصصه فى علم اللغات، التى تجسد شخصيتها "إيمي ادمز"، أثناء القائها لمحاضرة للتعريف باللغة البرتغالية، لتفاجىء هي والطلاب الموجودين بالقاعة بخبر وصول 12 مركبة فضائية الى الارض، أحدها فى الولايات المتحدة الامريكية، ويتم إخلاء كل قاعات الجامعة تحسباً لوجود هجوم فضائي على الأرض، لتصل بعدها الدكتورة لويس الى منزلها وتبدأ في متاعبة نشرات الاخبار حول العالم لتتأكد ان هناك حدث ضخم يشهده العالم لأول مرة في تاريخ الانسانية، و تستقبل لويس أحد المسئولين بالجيش الامريكي ويطلب مساعدتها في التواصل مع الكائنات الفضائية نظراً لخبرتها الكبيرة فى علم اللغات.

تبدأ أحداث الفيلم فى التصاعد تدريجياً عندما تلتقي لويس بعالم الفيزياء "ايان دونيللي"، الذي تم الاستعانة به ليساعد في فهم كيفية وصول تلك المركبات الفضاية للارض، ويجسد شخصيته "جيرمي رينير"، ويتجه الاثنان برفقة قوة من الجيش الامريكي للصعود للمركبة الفضائية لإيجاد طريقة للتواصل مع الوافدين من الفضاء، وتبدأ الدكتورة لويس في محاولات لترجمة الرموز التى تحاول الكائنات الفضائية التواصل بها مع البشر وايصال رسالتها من خلالها.

يركز مؤلف الفيلم على طبيعة البشر التي تعتبر كل ما ليس مفهوم هو مصدر للخطر وذلك في المشهد الذي تظهر فيه دول العالم العظمى الممثلة فى روسيا والصين في استعراض قوتها الحربية وكيف تحضر كل دول العالم للحرب مع هؤلاء الغرباء، بينما تحاول الدكتورة لويس بذل كل جهدها للتواصل مع الفضائيين ب" الكلمة".

وتستطيع لويس من خلال محاولاتها المضنيه تقديم نموذج للفطرة الانسانية التي ولدت وبداخلها احساس لا ارادي بنشر السلام وافتراض حسن النية فى الغير للوصول فى النهاية لحل سلمي، بل انها تستطيع بطريقة مذهلة ان تهزم اقوى جيوش العالم مستغلة تلك الفطرة الانسانية.

الفيلم رغم بساطة فكرته الا انك لن تمل طوال احداثه وستظل تستقبل رسائل رائعة واسقاطات عميقة على الطبيعة الانسانية من خلال الاداء الاكثر من رائع من ابطال الفيلم وعبقرية المخرج الذي استطاع ان يجسد الخير والشر ببساطه شديدة، واذا وجدت نفسك تبكي فى مشهد النهاية وبعدها بلحظات تبتسم فاعلم ان الرسالة قد وصلت.