كيف أعاد "عبد الناصر" ثروة عبد الوهاب القومية

لا تزال سيرة الرئيس والزعيم الراحل جمال عبد الناصر، تفوح رائحتها العطرة، فى مثل هذا اليوم من كل عام، عندما تحل ذكرى وفاة زعيم الأمة العربية، وواحد من أبرز قادتها وزعمائها فى التاريخ الحديث.

وتحل اليوم الذكرى الـ 46 على رحيل زعيم ثورة يوليو 1952، التى أطاحت بنظام ملكى فاسد، وأتت بنظام جمهورى، فتح الباب لطبقات الشعب الفقيرة، فى التعليم والعمل، ومنح الفلاح المصرى أرضه يعمل فيها، دون وصاية أجنبية، أو ظلم وجبروت إقطاعى.

ولم تقتصر علاقات الزعيم الراحل على السياسين ورؤساء الدول وإنما جمعته علاقات وطيدة بمشاهير الفن نلقى الضوء عليها فى السطور التالية ...


محمد عبد الوهاب

إنها المواقف التى تبرز طبيعة الشخصيات وتؤكد مدى تمسكها بمبادئها، وهنا نحكى عن موقف أعاد فيه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للفنان الكبير محمد عبد الوهاب حقه من مسؤول كبير استغل الفنان دون وجه حق.


تفاصيل الحكاية يرويها سامى شرف أحد رجال الرئيس عبد الناصر قائلًا: "فى عام 1962م، اتصل بى الفنان محمد عبد الوهاب طالبًا لقائى، ولما عرضت عليه أن أتوجه لمنزله أصر على أن يحضر هو إلى مكتبى، وبرقة متناهية وحساسية مرهفة تحدث عبد الوهاب فى حيرة وقلق عن مسألة تعرض لها منذ 3 أشهر، ولا يعرف كيف يحلها لحساسيتها وعدم رغبته فى خلق مشاكل يرى أنه هو ونحن فى غنى عنها، ولما استوضح الأمر قال: كل ما أُريده هو أن يكون الرئيس جمال عبدالناصر على علم فقط بما حدث، فلما ألححت عليه فى معرفة تفاصيل ما يقلقه حكى القصة، التى تتلخص فى أن أحد المسؤولين – وذكر لى اسمه – فاجأه بزيارة، وقال له: أنا أعرف أنه يوجد عندك أشرطة نادرة لم تذع من قبل وتحوى أغانى نادرة ودندنة خاصة بك لمقطوعات قديمة وجديدة ومشاريع ألحان لم تر النور – فهل يمكننى سماعها؟، فقال الأستاذ محمد عبد الوهاب وقد فوجئ بهذا الطلب: “بكل سرور.. اتفضل اسمعها”، فقال المسؤول: “لا أنا عايز أخذها أسمعها فى بيتى”، وأسقط فى يد الرجل المهذب الذى أذعن دون مناقشة وأعطاه هذه التسجيلات النادرة”.

 

ويستطرد موسيقار الأجيال الأستاذ محمد عبد الوهاب قائلا: “ودلوقت مرت 3 شهور ولم أسمع من هذا المسؤول كلمة ولم تُرَد لى هذه التسجيلات وكل ما أريده هو أن تكونوا على علم بما حدث فقط”.


يكمل سامى شرف حديثه قائلا: “وعدت الرجل خيرًا ولم أتردد فى إبلاغ الرئيس عبد الناصر بتفاصيل هذه المقابلة، وكان رد فعل الرئيس عبد الناصر الغضب، واستدعى الرئيس عبد الناصر هذا المسؤول واستفسر منه عن هذه المسألة فلم ينكرها، فطلب منه أن يقوم على الفور ليحضر هذه التسجيلات الآن، فأحضرها وسلمنى الرئيس عبد الناصر هذه التسجيلات وكلفنى أن أزور الأستاذ محمد عبد الوهاب؛ لأعيدها إليه مع نصيحة من الرئيس عبد الناصر بألا يفرط فى هذه الثروة القومية مرة أخرى.

يحكى سامى شرف: “طلبت الأستاذ محمد عبد الوهاب لأحدد موعدا للقائه وأبلغته بأن لدى أنباء سارة، فما كان منه إلا أن قال لى: حط السماعة وأنا جاى لك حالا: وحاولت للمرة الثانية ألا يفعل ذلك، إلا أنه وضعنى أمام الأمر الواقع قائلا: أنا هاحط السماعة بعد إذنك، سلمت الرجل الأمانة وكان غير مصدق لما حدث، وكان الرئيس عبد الناصر قد كلفنى أيضا عند تسليمه شرائطه الثمينة بأن أبلغ الفنان عبد الوهاب عن أمل الرئيس عبد الناصر فى أن يلتقى قمتا الفن فى مصر عبد الوهاب وأم كلثوم والعالم العربى فى عمل مشترك، ونبهنى الرئيس عبد الناصر ألا أضغط عليه أبدا فى هذه الرغبة، إلا أنه عندما بدأت فى عرض الفكرة على الأستاذ محمد عبد الوهاب قال لى: قد تنجح، وقد تفشل، وأكد على أنه يأمل ويحلم بهذا اليوم فعلا، طبعا أبلغت الرئيس جمال عبد الناصر بوجهة نظر عبد الوهاب“.